مدينة الهفوف التاريخية التي يمتد تاريخها إلى قرون عدة هي عاصمة أو قاعدة شرق الجزيرة العربية و إقليم الأحساء التاريخي حتى تم نقل العاصمة إلى الدمام عام ١٣٧٠ هجرية في عهد الملك المؤسس -رحمه الله- .
و هذا التراكم التاريخي و موقعها الجغرافي و مقر الحاكم ، جعل منها موردا اقتصاديا و علميا و بيئة مدنية متحضرة للسكن ، و الإرث الحضاري في المعارف المختلفة في الزراعة و العلاقة بالبحر و الصحراء انعكس مورفولجيا على نسيج مدينة الهفوف ( و إنتاج إبداعي في التصميم و البناء ) فضلا عن التلاقح الحضاري مع الجوار و أبعد من ذلك ، تشكلت من خلاله نموذجا صارخا للعمارة الأحسائية الإسلامية كبلاد منشأ تأثرت منه مجتمعات الجوار و حوض الخليج ، حين إعلان اليونسكو عام ٢٠١٨م الأحساء موقع تراث عالمي بإثني عشر مكونا في وقت واحد ( بعنصري البيئة و الإنسان تحت عنوان ملف الأحساء مشهد ثقافي متطور ) حضيت الهفوف التاريخية بريادة و مكانة بينها بمفرداتها العمرانية .
تخطيطيا المجاورات المتضامة أو طبيعة المنشآت كالقلاع و البوابات و المساكن و المدارس و دور العبادة و غيرها عبرت عن حالة تكاملية أكدت تماهيها ضمن للرؤية البصرية و الذوق العالي عند الأحسائيين جسدتها متممات العمارة كالزخرفة الجصية الأحسائية .
إن تطوير خلاق لمدينة الهفوف التاريخية يساهم في حفظ المدرسة و إعادة التأهيل و ترسيخ الهوية و يضع تحت الأنظار مايمكن استلهامه في الأبنية المعاصرة ، و حسنا ما تقوم به هيئة تطوير المنطقة الشرقية في خطتها أن يكون هناك عملا شاملا للحفاظ على الأحياء التاريخية و هذا ينسجم مع رؤية ٢٠٣٠ و جودة الحياة بأنسنة المدن و الإرتقاء بها و تطويرها عمرانيا و اجتماعيا و امنيا و بيئيا .
و نحن كعمرانيين مهتمين بالدراسات في التراث العمراني نرى أن هذا يشكل خطوة إلى الأمام لإبقاء وهج اليونسكو عبر تدويل هذا النشاط على الأرض و لما له من أثر كمحرك اقتصادي و التنمية البشرية كهدف أعلى.
و الهفوف بفرجانها الثلاثة ( أحيائها) الكوت و الرفعة و النعاثل تمثل نسيجا و بيئة عمرانية متكاملة و لا زالت كثير منها آهل بالسكان . لذا أتمنى أن تحضى معيارية الوجود السكاني أولوية عند المعنيين لإتخاذ القرار ، و مدينة الهفوف التاريخية نسيج عمراني متماسك كانت تحيطه الأسوار بالكامل مع البوابات .
سيبقى طراز العمارة الأحسائية الإسلامية ببعده المادي و الوجداني المحرك لإصطياغ المدرسة و رسم الطابع و تدويله .( أمثلة قلعة ابراهيم ، بيت الملا أو البيعة ، سوق القيصرية ، المدرسة الأميرية )
كما أن الشكر لهيئة تطوير الشرقية هناك مسؤولية على القطاع الخاص و الملاك للإسهام في ذلك ، وحده المستثمر و المستخدم كفيل باالإستدامة .
في الأحساء من خلال فرع جمعية علوم العمران هناك خبراء و باحثين معمارين في التراث العمراني نتمنى الإستفادة منهم حتى تكتمل الصورة ققط لأن الأحساء لا تتثاءب في وطننا الكريم الذي يستحق كل جهد ابداعي .
بقلم الكاتب
عبدالله الشايب