تشرفت أن أكون أحد الحضور في لقاء جميل جمع عدد من كتاب الرأي بدعوة كريمة من سعادة الأستاذ علي الشدي للقاء معالي وزير الصناعة و الثروة المعدنية الأستاذ بدر الخريف و ذلك يوم الأربعاء 20 أكتوبر.
كان هناك مقدمة ثرية من معالي الوزير و مداخلة نوعية من سعادة عضو مجلس الشورى فضل البوعينين. الأحاديث و المداخلات كتاب الرأي لم تخلو من الشفافية و الواقعية بعضها طلب لتوضيح بعض الأنظمة و القرارات و بعضها تركز على طلب المزيد من القوانين التي تصب في صالح المواطن.
و بصورة عامة تحدث الجميع عن أمور كثيرة تمس مصلحة كل فرد في المجتمع لتكون بعض كلمات اللقاء هي محور مهم لأمور سبق الحديث عنها في كل مناسبة و ذلك نظرا لأهميتها. و لكن بصورة شخصية أكثر ما شد إنتباهي كانت كلمتي “التوظيف” و كلمة “السعودة” أو ما يطلق عليه توطين الوظائف.
كلمة التوظيف و السعودة كلمات ليست بجديدة. بل أن الواقع يقول بأن المجتمع تعامل معها منذ زمن طويل. بل أن تم التعامل معها كان قبل حتى إنشاء كثير من الوزارات. و قد حدث ذلك في العام 1933م بعد توقيع إتفاقية التنقيب عن النفط و من خلالها تم إنفتاح المملكة على أحد أهم دول العالم تطور, ألا و هي الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال أكبر سوق توظيف في العالم و أكثرها تأقلم مع متغيرات متطلبات السوق. و في العام 1933م لم يكن هناك أجانب لكي يتم توظيفهم و صعب إستقدامهم و أيضا لم تكن هناك يد عاملة متوفرة لكي تعمل في مجالات تعتبر من أعقد و أصعب الأعمال, ألا و هي البحث عن مكان النفط و إخراجه و تصديره و عمل البنية التحتية لتحقيق ذلك. فماذا كان أسلوب التعامل مع كل هذه المعضلات..؟؟
الجواب هو وظف أي يد عاملة و دربها و أعطها الأمان الوظيفي لكي يكون ذلك أكثر جاذبية لأفراد مجتمع للتو أسس دولة فتية.
و منذ ذلك العام و بعد وصول عدد لا باس به من الجيولوجيين بدأت الشركة التي أصبح أسمها لاحقا شركة ارامكو بعملية توظيف المواطن السعودي رغم أن أغلبهم كان بالكاد يقرأ و يكتب. و لكن تم تطبيق عملية التوظيف و التدريب و الأمان الوظيفي رغم أنها شركة و ليست مؤوسسة حكومية. و هذا ما جعل كل موظف جديد يخطط للإستمرارية للعمل في شركة ارامكو و لا يتركها إلا وقت التقاعد أو حدوث ظروف قهرية.
و من هذه النقطة و بهذا الأسلوب يجب علينا في وقتنا الحالي أن نفكر في موضوع تقليل نسبة البطالة بواسطة معرفة حاجة السوق و كذلك تأهيل كل فرد لشغل الوظيفة من خلال التركيز على ما يسمى التدريب من خلال العمل و الذي قل تطبيقه في الوقت الحالي رغم أن هذا ما كان يتم العمل به في الماضي و خاصة سنوات السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي.
و هذا كان له مردود كبير. و على سبيل المثال أصبحت البنوك تقريبا أغلبها من السعوديين. و الأمر الآخر فيما يخص نسبة البطالة و تخفيضها هو معرفة ما في السوق السعودي من حاجة إلى تخصصات معينة. فمثلا تعتبر المملكة من أكثر الدول في العالم إستخدام لمكيفات الهواء بأنواعها بسبب حرارة الجو. و مع ذلك يوجد القليل من الفنيين السعوديين المتمرسين في هذا التخصص رغم أنه يدر الكثير من المال. و رغم ذلك لم نجد ما يكفي من معاهد و مدارس متخصصة لتعليم الأفراد ممن ليس لديهم ميول لدخول الجامعة و لكنهم يميلون إلى العمل الفني. و بذلك تم ترك مجال أعمال التكييف و صيانتها بيد العمالة الأجنبية التي معظمها يأتي دون أي خبرة و يتعلم لدينا من خلال كثرة العمل مع من سبقه. أي بمعنى آخر مو أننا تركنا كثير من المجالات التي تدر كثير من المال للأجانب. و بالطبع ليس مجال التكييف هو الوحيد. بل هناك مجالات كثيرة كان يشغلها المواطن و مع الطفرة المالية الأولى علم 1973م تركها المواطن و أصبحت مع الوقت بيد اليد العاملة الأجنبية. و أصبحت حتى المهن البسيطة التي لا تحتاج إلى أي خبرة بيد العامل الأجنبي مثل محلات البيع و غيرها.
و بإختصار شديد, ما أسنطعنا تحقيقه قبل حوالي 90 عام بموارد قليلة, نستطيع تحقيقه الآن بوجود الكثير من حملة الشهادات الثانوية و الجامعية.
بقلم : عبداللطيف الملحم
كاتب و محلل سياسي.